Wednesday, January 28, 2009

أنا وبهاء طاهر


كان أول لقاء يجمعني بالأديب القدير بهاء طاهر علي صفحات إحدي قصصه البديعة "بالأمس حلمت بك" والتي أمتعتني كثيرا فكنت أعيد قرأتها لشدة إعجابي بالحوار الدائر بين البطل والبطلة التي كانت تتعجب من تعاطفه مع غادة الكاميليا وأسفه لحال الغراب فتسأله آلا تتعاطف معنا نحن البشر؟!ا


بعد هذه القصة التي قرأتها منذ سنوات بعيدة، كنت أبحث عن بهاء طاهر علي رفوف مكتبة دار الكتب بالزقازيق حيث اقطن، فقرأت له "أبناء رفاعة الطهطاوي" والذي أعلن فيه عن انتهاء التضحيات الشخصية للمثقف


سنوات عديدة مرت حتي رأيته وجها لوجه في الملتقي الأول للرواية العربية.. وقفت انظر إليه عن كثب، وكانت إحدي الصحفيات تطلب منه رقم هاتفه فاعتذر لها بأنه لا يتعامل مع الصحافة.. بعد إلحاح قليل أعطاها الرقم حياء منه مؤكدا علي موقفه.. ذهبت خلف تلك الزميلة وأخذت منها الرقم لأحتفظ به حتي لو لم استخدمه يوما


كانت هناك جائزة للملتقي وكان طاهر أحد المرشحين لها مع إدوارد الخراط وخيري شلبي، وعندما ذهبت الجائزة إلي إدوارد الخراط حزنت كثيرا ليس إنكارا لقيمة الخراط ولكن حبا لطاهر


عام أخر يمر حتي كان طاهر أول كاتب يفوز بجائزة البوكر العربية في دورتها الأولي.. كانت سعادتي لا توصف اعزازا لهذا الرجل الذي أحمل له كل تقدير.. عشت اياما مع روايته الفائزة "واحة الغروب" ليزداد اعجابي وتقديري لهذه القامة الأدبية


ومنذ أيام بمعرض الكتاب كنت احضر إحدي الندوات أنا وزميلتي في العمل التي نالت شرف الحديث معه أثناء اعتصام الكتاب من أجل غزة.. كانت صديقتي تسترخي وتغمض عينيها بينما اسجل أنا ما يدور في الندوة وإذا بطاهر علي بعد خطوات منا يبحث عن مكان للجلوس.. ايقظت زميلتي بسرعة وأشرت إليه سعيدة، قالت لي سنذهب للسلام عليه بعد الندوة


كنت لحسن حظي اقتنيت له هذا اليوم مجموعته "أنا الملك جئت".. ذهبنا للسلام عليه وأنا لا أكاد أصدق أنني أخيرا سألتقي به بشكل حقيقي واسلم عليه


طلبت مني صديقتي وألحت أن اعطيه المجموعة ليوقع لي عليها فخجلت أن أفعل وبعد خروجي ندمت علي إضاعة تلك الفرصة التي ربما لن تتكرر


كان موعده بعد يومين ليلقي بشهادته علي رواد المعرض، فكرت أن أقدم له بعض كتاباتي ليخبرني برأيه فيها ثم أبيت أن أهدر دقائق من وقته ليطلع علي بعض كلمات لا ترقي لمستوي الكتابات، لكني قررت أن اهديه عرضي لروايته
بدأ اللقاء وكنت أجلس في الصف الأمامي قبالته، ابتسم لي ابتسامة ودودة فبادلته بإبتسامة أوسع ثم بدأت أكتب وأسجل ما يقول والتقط الصور


بعد انتهاء الحديث ذهب له شخص يريد توقيعه علي روايته الأخيرة فتشجعت واعطيته المجموعة التي اشتريتها ليوقع لي أنا الأخري .. سألني عن اسمي فكررته أكثر من مرة حيث يهرب صوتي أمام الأخرين، كتب لي الإهداء فأعطيته عرض الرواية.. نظر إليها قائلا "اللـــــه" ثم قرأ اسم صاحب العرض فسألني بإبتسامة حانية: أنت من كتبتها؟ .. قلت له نعم ثم تواريت خلف خجلي واختفيت وسط الزحام


بهاء طاهر يمثل لي الأديب صاحب المواقف وليس القلم فقط، فلن ينسي له التاريخ أنه رفض المساومة علي أفكاره ومبادئه وارتضي المنفي بديلا، ولن ننسي أنه تنازل عن الترشيح لجائزة مبارك حتي ينالها الناقد الراحل رجاء النقاش. كذلك تبرعه بجزء كبير من جائزة البوكر لصالح الأدباء الشبان رافضا أن تكون الجائزة باسمه


بهاء طاهر نحبك ونقدرك إنسانا وأديبا

No comments: