Wednesday, July 9, 2008

وداعا




لازال وجهه الباسم يحضرني.. ولازال صوته يرن بأذني.. أنظر إلي الجسد المنهك الذي أبي الاستسلام للمرض.. كانت المرة الأولي والأخيرة التي رأيته فيها وجها لوجه.. كان ذلك قبل ثلاثة أشهر عندما احتفل إتحاد كتاب مصر وكتاب العرب بمقرهما الجديد بالقلعة، وكان هو أحد المحاضرين في الاحتفال

يومها قدم ورقة بعنوان "إشكالية الموت عند الشعراء"، ووقتها نظرت إليه مليا وتساءلت داخل نفسي كيف يفكر ويعيش من شارف علي سن السبعين ويسكنه هذا المرض اللعين.. هل يمضي طوال الوقت عاكفا منتظرا الموت بين كل لحظة وأخري؟ هل يستطيع أن يمارس حياته العادية؟ آلا يخشي الموت الذي أصبح قاب قوسين أو أدني.. تساؤلات كثيرة دارت بخلدي وأنا استمع إليه بحب.. كنت اشفق عليه من المجهود ومن آلام المرض الذي لا يرحم

أخذ المسيري يعرض كيف تناول الشعراء الموت، وكنت اتمني لو أعرف كيف ينظر هو للموت.. ولم يحرمني من الإجابة عن السؤال الذي دار بخلدي فقط .. يومها قال إن اهتمامي بالموت هو اهتمام بالحياة... يااااااااه من رحم الموت تولد الحياة.. هل يفكر في الحياة بينما ينتظر الموت.. حينها تعجبت من نفسي، ومن منا لا ينتظر الموت؟! ومن منا بعيدا عن الموت؟!ا

عجبا وما ظني برجل أمضي ربع قرن من حياته في تأليف موسوعته عن اليهود واليهودية والصهيونية وأنفق عليها كل أمواله حتي لم يجد ثمنا للعلاج

وما ظني برجل كسر عزلة العالم ونزل بين الجماهير يطالب بمكافحة الغلاء حتي أعتقله الأمن مع زوجته وألقوا بهم بعد ساعات علي طريق صحراوي

كيف ينتظر المسيري الموت .. تذكرت أبي رحمه الله ووجهه المطمئن وهو ينتظر الموت.. لم أراه أهنأ بالاً ولا أكثر سكينة من ساعاته الأخيرة وهو يعلن انه ينتظر الفرج.. يومها بكيت وعلمت أن أبي يودعنا، ولم تمر ثلاثة أيام حتي انتقل إلي عالم أكثر سكينة.. ليلتها بشرنا في الهاتف انه غدا سيكون أفضل وسنسعد عند رؤيته.. حينها أيقنت أن الغد موعده ليلقي الله

تذكرت أبي فأدركت كيف يعيش المسيري وكيف ينتظر الموت.. واليوم بعد أن علمت برحيله رأيت ثانية في خيالي تلك النفس المطمئنة التي تعلن لربها أنها أدت الرسالة وتنتظر الجزاء



اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات

1 comment:

Anonymous said...

اللهم اجعل الموت راحة لنا من كل شر

رحم الله الفقيد - أعلم عنه أنه كتب كتباً كثيرة و دراسات هامة جداً في الصراع العربي الاسرائيلي تدرس الآن - يموت الانسان و يبقى في الدنيا عمله و ذكراه.


اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات .آمين

محمد ابراهيم